في الحياة ألوان من العذاب، وكل نفس تتجرع لونًا يمضي معها بعض الوقت أو طول العمر، منا من يعاني من ويلات الحرب، ومنا من أضجعه المرض، ومنا من اشتد عليه الفقر، وأشد الناس عذابًا من يكابد آلام العشق.وإذا حُرِمَ العاشقُ الوصالَ اغرورقت النفس بالآلام كظلمات في بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب، ظلمات بعضها فوق بعض من وطأة الحرمان، وليس ال كالمعاينة ومعظم الأنين لا يوصف بالبيان.هي رسائل لم يكتبها كافكا، بل كتبها كافكا آخر، وكثيرون في الحياة كافكا والكثيرات هن ميلينا، وكم من جميل فيها لم ينل بحبه بثينة، وما ظفر المجنون بالعامرية، وما تزوَّج حسنات خان بالأميرة، وما اجتمع شمل عروة وعفراء.وأدب الرسائل فن لن يُفنى بضجيج رويبضة الزمان، والحداثة المجردة من معاني النبل الإنسانية، وتعسف الواقعية للحب الذي هو الإجابة عن كل تساؤلات الكون وأسرار الملكوت ذلك لأن في كل الأزمنة رجال ينسجون الشوق والحنين بأدب جم ويخلو حبهم الأفلاطونى من الشهوات والموبقات، ويبجلون قدسية العلاقات الإنسانية وأسرارها وإن حُرِموا كمال الوصال وتعددت أسباب الفراق وغلبت عليهم شقوتهم من الحرمان.

تسعون رسالة انبلج فيها الخيط الأبيض برهة من الدهر حتى بدا الخيط الأسود، لم يمكث ربيع الحب حتى أتبعه خريف الفراق فأصبح هشيمًا تذروه الرياح، وقرين الفراق صراع مع الحياة لا ينتهي.