كتاب: مسافر
للكاتب: محمد سمير شوقي
وانكَ ربما لن تصل حتي تعبُرَ صراط الذكريات، ليست كل الجسور المُعلقة بنهايتها أحبة، ربما يزورك الشوق لكاتبٍ ما، لمكانٍ ما، ربما هي عدوى الحنين التي تُصيبُنا حينما تألفُ الروحُ مَن يُحييها، حتى يصير لغيابهم في قلوبنا أنفاسٌ حميمية تنثر الدفء بكل أبعاد الروح اللامتناهية..
إن كان لي من الأمر شيء لكان بطن حوتِ يونُس أقل وقعاً في نفسي من ريحٍ عابرة حملت تنهيدة يأس من أعماق قلبٍ هويتهُ يوماً..
وإنك إن تصبر على المراد حتي تبلغه يا رفيقي لهو الفلاح الأسمى والسعادة العظمى، فلا شيء أقطع للأحلام أكثرَ من حياة تَصَنع الأوهام، ولا شيء أرهق للعفوية من الصد القاسي والفهم الخاطيء، ولا شيءَ أحبَ إلي ورقة بيضاء أكثر من حبرٍ يُغازلها ويداعب أسطُرها، يرسِم لها مرآةً من واقعٍ ملموس بعيداً عن فانتازيا الخيال وأوهامه..
كل الحقول الخصبة تشدو بالحُسنِ لمُعَمريها، لأن الأرض لا تنسى ولا تتناسى، ولا أحد بإمكانهِ أن يُجبرها على هذا أو ذاك