- المسافر
- ج3
- كما كان
- إسلام عماد
- دار اكتب للنشر والتوزيع
- 150ص
عامان (ب.أ)
**
تمكنتُ أخيرًا من الهروب من سطوة هؤلاء الأطباء.. تلك المصحة اللعينة التي أضعت فيها عامين كاملين بدعوى علاجي من الجنون الذي أصابني...
هربت, وبحوزتي كل ما كتبته لهم من أحداث حياتي.. تلك الفكرة التي ظنّ صاحبها أنها طريقة ناجعة لعلاج مرضاه...
يصيبني غثيان مريع كلما عاد لذاكرتي ما اضطررت لفعله للفرار من المصحة.. أيغفر الله لي ما حدث؟
هل تملكتني شهوة القتل فعلًا؟ فعلتها مرة في رحلتي الأخيرة مع جدي.. ثم الآن...
فهل كنت الفاعل الحقيقي وراء مقتل "أروى"؟
تحاصرني الأسئلة من كل صوب.. أراها أمامي مسطورة بخربشات على جدران المباني، في عيون المارة، على لوحات الإعلانات وبإشارات المرور.. تتجمع قطرات الماء لتكتبها على الأسفلت.. ينعق الغراب قائلًا إياها..
مَنْ فعلها؟
من فعلها؟
من فعلها؟
عدت لشقة جدي بشبرا، فما صار المكان هو المكان، ولا الزمان هو الزمان...
غمرني التردد لحظات قبل عودتي تلك، فكيف أعود وذكرياتي القديمة تحاصر المكان؟
مكثت بالشقة ساعات قلائل، جمعت بها متعلقاتي الشخصية التي قد احتاجها في أيامي القادمة، التي أجهل إلى متى ستمتد وكم منها سأظلُّ حيًّا.. أو على الأقل شبه حيٍّ...
لم تطل إقامتي بشقة جدي، فقد انتابني هاجس مؤكد بقدرة الشرطة أو إدارة المصحة على إيجادي بعنواني المسجل لديهم..
صارت الشقة ككهف مهجور..