تعتبر طبيعة نشأة دولة إسرائيل على أنقاض الشعب الفلسطيني الذي هُجّر قسراً من أراضيه والتي احتلتها العصابات الصهيونية، سبباً ساهم في إفساد علاقة إسرائيل مع الدول العربية مما عزز مفهوم الأمن القومي لإسرائيل واتّباعها العديد من التوجهات التي تحافظ على أمنها وبقائها، وهو يتعدّى المفهوم الكلاسيكي للأمن القائم على القوة العسكرية إلى مفهوم يشمل مختلف جوانب الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وحيث أن منطقة القرن الإفريقي تكتسب أهمية خاصة لكونها تشكل حلقة محورية في أطماع القوى الدولية على الإقليم، مما ساهم في زعزعة أمن واستقرار دولهِ، والتي تعاني من أزمات اقتصادية واجتماعية وسياسية، وبحكم امتداد المنطقة للدول العربية، فهي شكلت حلقة من حلقات الصراع العربي الإسرائيلي، فكان لها الأولوية في مخططات السياسية الإسرائيلية لتحقيق العديد من أهداف سياستها الخارجية، بما في ذلك جعل البحر الأحمر تحت سيطرتها التامة، وكذلك الوصول إلى مياه النيل كمحاولة لتعويض النقص المائي الذي تعانيه إسرائيل، وفي سبيل ذلك فقد سعت إسرائيل للوجود الاستخباراتي في الجزر الإريترية والتأثير على مجريات الأحداث في دول المنطقة في ظل الصراعات الداخلية في المنطقة وتخلفها الاقتصادي، وأيضاً في ظل غياب استراتيجية عربية محددة تجاه المنطقة وانفراد الولايات المتحدة الأمريكية الحليف الاستراتيجي لإسرائيل بالساحة الدولية، لكل هذه الأسباب مجتمعة فقد كان من الضروري وضع دراسة شاملة للسياسة الإسرائيلية في منطقة القرن الإفريقي للحد من وصولها إلى أهدافها الاستعمارية.