ورثت حب ‏"‏عبد الناصر‏"‏ عن أبى، أيا كان رأيك السياسى فيه إلا أن رمز التحدى و التمرد الذى طبعه فى وجدانى لا يقاوم‏.‏ كما ورثت كتب أبى و محاولاته الشعرية فى حبه لأمى، صور له و لأصدقائه فى الخمسينيات و الستينيات، أشرطة ‏"‏أم كلثوم‏"‏ و الأهم ذكريات كثيرة جميلة تختلط فيها شوارع وسط البلد الواسعة كالمدى فى نظرى وقتئٍذ، عندما يصطحبني لنمشى بجوار قصر عابدين و قد اعتليت حافة السور المنخفض حتى أطول قامته و هو ممسك بيدى، برحلات رأس البر بسيطة العشش الهادئة بحرًا و نيلاً، الناس الودودة التى جاورتنا، أصدقاء أبى و أمى، مسرح العرائس ‏"‏صحصح لما ينجح‏"‏ ، ‏"‏الليلة الكبيرة‏"‏، لقطات لا تفارقنى‏:‏ لفيلم ‏"‏غرام فى الكرنك‏"‏ الذى ينعش الروح كلما شاهدته و يجعل الحياة فى عينى أجمل، مسلسل ‏"‏القاهرة والناس‏"‏ الذى كان يعاد صباحًا، شكلوا جميعًا خلفية ذكرياتى، والكثير من الكلمات عن الوطن الرائع الذى يضمنا    و المستقبل الأروع الذى ينتظرنا‏.‏ كان أبى شديد الرومانسية و التفاؤل‏!‏كنا أصغر من شيئين‏:‏ أن نحلم مع شباب الخمسينيات، نهتف ضد الاستعمار، العدو الواضح، نحمل الثوار على الأكتاف فى المظاهرات و نهتف بما نؤمن به‏.‏‏.‏‏.‏ البلد و ما نحبه‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏ الحرية، ضد ما نتحداه‏.‏‏.‏‏.‏ الاحتلال و ما نرفضه‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏ الانحرافات السياسية و غيرها‏.‏يوحدنا تأميم القناة وبناء السد العالى، ‏"‏العالى‏"‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏ كما كانت كرامتنا ذات يوم‏.‏‏.‏‏.‏‏!‏كما يجمعنا الانكسار، يلفنا و يعتصرنا ألم الهزيمة‏.‏‏.‏‏.‏