لم يحظ مفهوم بمثل ما حظي به مفهوم ‏"‏العَلمانية‏"‏ من حملات هجوم وتشويه كان قادتها،بالطبع،هم ‏"‏مثقفو التقليد‏"‏ من ذوي المرجعيات الدينية بشتى طوائفهم‏.‏ وهو الهجوم الذي لم يقتصر على مجرد المفهوم بل امتدَّ لكل من حاول الدفاع عنه من ‏"‏مثقفي التجديد‏"‏ فنابهم ما نابهم من تهم التكفير والخروج عن الملة‏.‏ و‏"‏العَلمانية ‏(‏بفتح العين‏)‏ أو العلمانية‏"‏،هذا المفهوم،سيئ السمعة وسيئ الحظ،هي الترجمة العربية لكلمةSecularism الإنجليزية أو Laïcitéالفرنسية وتعني كل ما هو منسوب إلى العَلْم،بمعنى العالَم،وهو خلاف كل ما هو ديني أو كهنوتي‏.‏

إلا أن هذا الهجوم الشرس والمتواصل على واحد من أهم الركائز الأساسيّة للدولة الحديثة لن يمنعنا من محاولة ‏"‏رد الاعتبار‏"‏ لهذا المفهوم الذي ساء حظه ومال بخته في ثقافتنا المصرية المعاصرة‏.‏ وهي المحاولة التي لا تكتمل إلا بالرد على ثلاثة أسئلة هي‏:‏ ‏"‏ماذا‏"‏ و‏"‏لماذا‏"‏ و‏"‏كيف‏"‏‏.‏ والسؤال الأول‏:‏ هو ‏"‏ماذا ينطوي عليه مفهوم العَلمانية من معاني ودلالات؟‏"‏ ‏(‏أو “العَلمانية‏.‏‏.‏‏.‏ هي إيه؟‏"‏‏)‏‏.‏ أما السؤال الثاني‏:‏فهو ‏"‏لماذا تعتبر العَلمانية ضرورة من ضرورات إقامة الدولة الحديثة؟‏"‏ ‏(‏أو ‏"‏العَلمانية ‏.‏‏.‏‏.‏ ليه؟‏"‏‏)‏‏.‏ والسؤال الثالث‏:‏هو ‏"‏كيف يمكن تحويل ما ينطوي عليه مفهوم العَلمانية من معانٍإلى قيم وممارسات يومية؟‏"‏ ‏(‏أو ‏"‏العَلمانية ‏.‏‏.‏‏.‏إزاي؟‏"‏‏)‏‏.‏

وقد خصص الجزء الأول من الكتاب،‏"‏إيه الحكاية؟‏"‏،للإجابة على السؤالين الأول والثاني‏.‏ ولقد قدمنا في القسم الثالث من هذا الجزء،‏"‏العلمانية والسيبرنيطيقا‏"‏،مقاربة علمية غير مسبوقة للرد على السؤال الثاني ‏"‏العَلمانية ‏.‏‏.‏‏.‏ ليه؟‏"‏‏.‏ أما الجزء الثاني،‏"‏العَلمانية كثقافة‏"‏ فقد خصص بالكامل للرد على السؤال الثالث ‏"‏العَلمانية ‏.‏‏.‏‏.‏إزاي؟‏"‏‏.‏ وأخيراً يأتي الجزء الثالث،‏"‏عَلمانيات ع الماشي‏"‏،كجولة حرة في تلافيف عقل علماني‏.‏