الكاتبة الناشئة/ أنا، كانت قد تلقت تعليمات صارمة في رسالة إلكترونية، قبل قدومها إلى المكان، بأن تلتزم الهدوء منذ أن تستيقظ وحتى موعد العشاء في السابعة مساء. حينئذٍ فقط يمكنها أن تتسامر مع رفاقها في السكن الملكي، حيث سيلتقون في غرفة المعيشة ويلتقطون المكسرات ورقائق الشيبسي مع زجاجة من النبيذ الأبيض. ويمكنها أيضًا أن تُنَاقش مسائل ثقافية أو ترفيهية، حين ينتقلون إلى غرفة الطعام الزجاجية المطلة على الحديقة، وهم يتناولون عشاءً رسميًا حول زجاجة من النبيذ الأحمر.لم تكن الحيرة فقط في كيف ستشرح لهم بطريقة تتقبلها عقولهم، أنها لن تُشاركهم طقس الشراب الاحتفالي؛ بل في كيف لا ترسخ لديهم الصورة الذهنية عن دول العالم الثالث، حين تُخبرهم أنها لا تُجيد تشغيل غسَّالة الأطباق، التي من المفترض أن يتناوبوا على تشغيلها، وتتساءل إن كانوا سوف يصدقونها حين تُقسم لهم أن لديها واحدة مثلها في بيتها، لكنها تُفَضِّل أن تَحُك أطباقها بالليفة الإسفنجية ورغوة الصابون السائل الغنية.الكاتبة المبتدئة "بداية مهران" (41 عامًا)، والتي تُعَلِّق خرزة زرقاء في صدرها اتقاءً للعيون الحاسدة، قررت أن تبدأ من حيث انتهت الكاتبة الكبيرة "بداية الألفي"، جارتها في العمارة. فقد بدأت الكاتبة الكبيرة طقوس الكتابة من تحت منضدة السفرة، ثم انتقلت إلى زاوية مخفية في آخر ركن بمنزلها، ثم خصصت لنفسها غرفة للكتابة بعد أن قرأت رواية فرجينيا وولف "غرفة تخص المرء وحده". وأخيرًا أطلقت جناحيها للتحليق فوق بيوت للثقافة، وقصور ترعى هواة ومحترفي الفنون. ثم اتخذت قرارًا مصيريًا بالتوقف عن الكتابة، والتقاعد في غرفة ببنسيون يطل على البحر المتوسط في محطة الرمل بالإسكندرية.