في آواخر العام 2010م برزت ظاهرة ما يسمى اليوم بـ "الربيع العربي" في بعض الدول العربية، واستطاعت دول أخرى تجنبها بشكل أو بآخر، وأحدث الربيع العربي حراكًا لم يسبق له وجود في منطقة الشرق الأوسط من قبل، فقد أُجبرت الكثير من الدول المؤثرة في المنطقة على إعادة هيكلة حلفائها على المستويين الإقليمي والدولي، لمجابهة هيجان هذه البراكين الساكنة، وأصبحت بالنسبة لبعض الدول فرصة مؤاتية لإعادة هيكلة توازن القوى داخل المنطقة.
وعلى الرغم من أن مصطلح "الربيع العربي" يعطي الانطباع بأن حركات الاحتجاج العربية تسير على وتيرة واحدة، إلا أن التجربة التاريخية الفعلية تشير إلى اختلافات كثيرة بين الدول التي أصابتها هذه الحُمم.
فبينما كان التحول السياسي يميل نسبيًا إلى الطريقة السلمية في نص دول الصراع كـمصر، وتونس، واليمن، إلا أنه أخذ إتجاهًا أكثر شراسة في ليبيا وسوريا الأمر الذي أثر على المحصلة النهائية لهذه الثورات؛ حيث أوضحت هذه الحركات الاحتجاجية قدرتها في تغيير النخب الحاكمة في تونس، مصر، اليمن، وليبيا، إلا أنها لم تثبت جدارتها في سوريا.
وعلى الرغم من أن سوريا منذ استقلالها عام 1946م، لم تتعرض لأي ثورة شعبية إلا أنها تعرضت لعدد من الانقلابات الداخلية التي قامت بها المؤسسة العسكرية بالقوة لإزاحة شخصيات سياسية وتنصيب آخرى بدلًا عنها؛ وقد حاول بعض المحللين تفسير مراحل هذه الانقلابات السياسية التي تعرضت لها سوريا خلال تلك الحقبة وأسباب تكرار حدوثها مما أثر على الاستقرار السياسي والاجتماعي فيها، من خلال دراسة سيكولوجية القيادات وتصرفاتهم