توقف الباص، نزلت لتنتظر باصاً اخر، داهمها وجع ظهرها، حاولت تجاهله لكنها فشلت، كم تتمنى لو تنام بعمق، بعمق تحت شجره البلوط العملاقة…
بانتظار الباص تسلل سؤال خبيث الى عقلها ووشوشها: لو انك تابعت تعليمك اما كنت تعيشين حياه مختلفة، حياه كريمة؟! كم تعصرها المراره وهى تفكر بهذه الطريقة، كانت نتفوقه وذكيه لكنهم ارتكبوا جريمه بحقها… تشعر انها ذكية، لكن ذكاءها يظل حاله خام، لم تسمح لها حياه الذل بصقله…عملها المضنى الغبي، كما يحلو لها تسميته يجعلها تصاب بالبلاده الذهنية، وأحياناً تشعر انها مخبولة… كل يوم وعلى مدار ربع قرن، تبدأ يومها بصب الماء على شرفات منازل اسيادها وتشطف البلاط، ثم تنتقل الى مسح زجاج النوافذ وتلميعه، وبعدها مسح ارض الغرق لمرتين او ثلاث، ثم تغسل بعض الثياب التى لا يصلح ان تغسل فى الغساله وتتحمل صراخ وتأنيب ربات البيوت، تتفرج عليهن كيف يعاملنها كما لو انها من طينه اخرى، ادنى منهن بكثير، لا يشعرن بالحرج حين يضعت الطعام البائت امامها بينما رائحه الطعام الطازج تفوح من الطناجر… احدى السيدات قالت لها وهى تمد لها علبه حلوى: خديها، وإن لم ترىدى فارمها فى القمامة.