تعالى صوت الطرقات على الباب، وقد تبادل الجميع نظرات قلقة، قبل ان يومئ النبى -صلى الله عليه وسلم- برأسه الى الأرقم، الذى اتجه لفتح الباب، حيث طالعه وجه عمر المضيء وإن وشت ملامحه بلا شيء.
تحرك عمر بآليه تامه ليطالع وجوه المسلمين، بينما تركزت عيناه على وجه النبى -صلى الله عليه وسلم- الذى فعل ما لم يتوقعه احد. ففجأه وبلا اى مقدمات جذبه النبى جذبه عنيفة. وفى لحظه نادره تهاوى جسد عمر.
كاد حمزه ان يتحرك.. بل كاد ابو بكر ان يتكلم.. ولقد اراد عليّ ان يكسر السكون، الا ان كل ذلك لم يحدث. وكأنما ذابت الأفعال والأقوال وكل شيء فى صمت رهيب.
سكون تام خيّم على الجميع، وكأنما توقف الزمن للحظه قلما يجود بمثلها مره فى كل جيل، قبل ان يقول النبى صلى الله عليه وسلم:
- اما ان يا عمر؟
تأمل عمر وجه الرسول -صلى الله عليه وسلم- وبهدوء عجيب انفرجت شفتاه ليقول:
- بلى، ان يا رسول الله.. اشهد ان لا اله الا الله، وأن محمدًا رسول الله.
انساب الصوت العذب الى الآذان، ولربما عجزت العقول عن استيعابه، فى حين اشرأبت اعناق اهل مكه لينظروا الى دار الأرقم بن ابى الأرقم.
حيث ولد فجر جديد، وولدت معه اسطورة، عربيه هذه المرة،
واسمها عمر.
عمر بن الخطاب.