هذه الروايه هى روايه ” الضالان ” نفسها التى كان الروائى قد نشرها فى عام 2003، وقد بررلنا (فى رساله شخصية) اعاده نشرها بكونها تعرضت للحذف فى طبعتها الأولى فاختلف مع الناشرين وأوقف نشر الثلاثية، وهو مبرريجد ما يشفع له، يعمّقه كون هذه الروايه تتناغم فى مضمونها وأحداثها ومكانها مع النسيج السردى للروايتين الأخريين. وكنا قد مررنا ب ” الضالان ” فى مقالنا الذى تحدثنا فيه عن ثنائيه الجنس والسياسه فى الروايه العراقيه ونشرته الف ياء الزمان، ووجدنا من المناسب ان نتوقف عندها بشكل اوسع هذه المره فى ضوء ما استجد فيها عن طبعتها السابقه وصله ارتباطها بالروايتين الأخريين. تدور احداث هذه الروايه فى شيكاغو وبطلها هو العراقى عمر الذى يقف على عتبه الشيخوخه وكان قد هرب من العراق الى الولايات المتحده بعد احداث شباط 1963 على امل ان يجد فيها مستقراً يوفر له ملاذاً امناً . وتعود بنا شخصيه عمر هنا الى شخصيه سى الشرقى فى روايه محمود سعيد الكبيره ” زنقه بن بركه “. ففى الشخصيتين بعض ملامح الروائى نفسه. البطل هنا مثقف، يكتب القصة، مولع بمتابعه الأخبار وبالقراءه حتى وهو فى خيمه داخل غابة. فى هذه الروايه يرسم محمود سعيد صوره شحصيه المنقذ الشهم، وهو نموذج سيتكرر فى الروايتين الأخريين، وكأنه يريد ان يؤكد على يقظه روح الشهامه لدى العراقيين حتى وهم فى ظل اقسى الظروف.. لقد ضاقت شيكاغو على سعتها بعمر بعد ان ضاق وطنه به، فلم يجد مأوى له الا فى غابه (وللغابه دلالتها المعنويه هنا) تنحصر حدود عالمه فيها بسياره وخيمه صغيرتين مخبأتين تحت اغصان الاشجار الكثيفة. يقوم المشهد الاستهلالى فى الروايه على المصادفه وتنبنى سلسله من الأحداث اللاحقه عليه. ويتشكل هذا المشهد بظهور شابه تركض على مشارف الغابه (يتضح فيما بعد انها مومس اسمها كاثي) بحثاً عن منفذ للخلاص يلاحقها سمسار نساء للإمساك بها وإعادتها الى ماخوره.