الراجل ده مجنني:

(محمود) جوزي راجل غلبان وأمير، وبيعرف ربنا كمان.. لكن مشكلته اللي كتير بتجنني منه وبتجيب لي ملل ساعات أكتر إنه سيئ التخطيط... فهو مثلاً من أصحاب مبدأ «اصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب». 

ورغم إني مؤمنة بالقدر والغيب، إلا إني بخالفه في الرأي ده؛ لأن ربنا زي ما قسم لنا الأرزاق كمان إدانا اختيارات نعيش بيها حياتنا، بدليل {وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ} وإلا كان ربنا أقدر على جعلنا مسيرين بأمره.

في يوم اقترح عليَّ (محمود) إننا نغير العربية.. 

- ونغيرها ليه بس يا (محمود)؟؟ ما هي ممشية حالها أهو... 

- ماشية بالزق يا قلبي... وكل شهر تبلع م المرتب يجي ربعه، مرة نغير إسطوانة الديبرياج، مرة تيل الفرامل... ما انتي عارفة!

- أيوه بس مهما دفعت لتصليح العربية عمره ما هيكون زي قسط الجديدة... وبعدين هتجيب المقدم منين؟؟

- مهو إحنا هنبيع القديمة وبتمنها يبقى القسط.

- إنت ناسي إني كلها كام شهر وأولد!! وهتبقى قدامنا مصاريف تانية ما يعلم بيها إلا ربنا.

- ييييييي إنتي دايمًا بتقفليها كده! إنت مش وش نعمة يا (عبير).

- أنا برضو!! الحق عليَّ بدوّر على مصلحة البيت... وبعدين نفتح على نفسنا فتحة محناش قدها ليه!!

- خلاص خلاص... نبقى نتكلم في الموضوع ده بعدين.

(الحمد لله إني نجحت في إني أوعيه بمخاطر شراء عربية جديدة.. وبالرغم من ده فـ(محمود) مهبطش برضو.. ومن وقت للتاني يفتح الموضوع، وأرجع أعمل القرد ميمون عشان يرجع عن اندفاعه ده، خاصة إن مرتبي على مرتبه يا دوب مكفين مصاريف البيت دلوقت، فما بالنا بمصاريف طفل على وش ولادة وقسط عربية جديدة!!!).

الموضوع ما وقفش طبعًا، ومش هيقف عند فكرة شراء عربية جديدة، فما خفي كان أعظم... في يوم توفى عمُّ محمودٍ وطبعًا رحنا دفنا وعزينا، والمفروض إن الموضوع ينتهي على كده... لكن إزاااااااااااااي...

- مالك سرحان؟؟ في حاجة؟

- بصراحة كده... أنا من ساعة ما رحت دفنت عمي.. وأنا بفكر في حاجة كده وكنت عاوز أشاورك فيها؟؟

- خير؟

- كنت بفكر أشتري مدفن لنا.

- سلام قولاً من رب رحيم... استهدى بالله يا (حوده)، والموت علينا حق... تلاقيك متأثر بس بوفاة عمك لأنك لأول مرة تقف في غسل ودفن.

- لا يا ستي مش عشان كده... أصل المدفن بتاع عيلة بابا في حتة شعبية، وبعدين قديم أوي... 

- وماله؟؟

- ماله إيه؟ أنا عاوز مدفن جديد يبقى ليا وللعيلة... أمي وأبويا واخواتي وولادي، إحنا اتكلمنا في الموضوع ده، وقلنا هنتشارك كلنا فيه.

- نعم!! بتهزر؟؟؟ وانتم مين؟؟

- وأهزر ليه؟ بتكلم جد..أنا واخواتي وامي وابويا.

- يا (حوده) إنت عارف تمن المدفن كام؟؟ مش هيقل عن أربعين ولا ستين ألف.

- طيب وماله!!

- ماله إيه؟؟ أنت حيلتك حاجة... يا (محمود) إحنا مش عارفين نشيل عشرين جنية كل شهر...تقولي تشتري مدفن!!!

- إنتي بتتكلمي كأن مصاريف البيت هتتأثر... أنا هقسطهم لاخواتي.

(هنا بقى عرفت إن الموضوع اتفتح من بدري.. وإنه كان في كلام كتير بدليل وجود حلول وبدايل).

- ومش هيتأثر البيت إزاي بقى إذا كنت هتقسط!!!

- اقعدي قفليها دي كمان!! دي مش عربية يا (عبير)، دي تربة.

- مهي عشان تربة.... وبعدين نجيب ليه وفي تربة عند أهلك، وكمان أهلي عندهم تربة.

- يا سلام!! أفهم من كده إنك مش عاوزة تدفني معايا!!

(من اللحظة دي بدأت بالصراخ وشوية شوية كنت هلطم على وشي).

- لا بقى أدفن في تربتكم ليه؟؟ أنا عاوزة أدفن جنب بابا... وبعدين ما تدخلنيش في تفاصيل ملهاش لزمة.

- ملهاش لزمة!! أنا قلت لهم إنك هتدفعي معانا.

- معاكم!!

- أيوه إخواتي ومرتاتهم.

- يالهوووووووووووووووي... إخواتك تجار ومقتدرين... والبنات في رقبة رجالتها.. وبعدين همه مش شايفين إنك داخل على مصاريف ولادة وعيل جديد!! أنا مش هدفع حاجة ومش عاوزة أدفن معاكم... كيفي بقى.. مزاجي!!

- بقى كده... أنا كنت مفكرك بتحبيني وعاوزانا ندفن سوا. 

- بحبك يا سيدي وأنت عارف... لكن أدفع فلوس وأخنق نفسي في الدنيا عشان أجيب تربة وأنا عندي بديل!! ده يبقى سفه.

- ما تغلطيش.

- (محمود) لازم تفكر بشكل أعمق من كده... وتفكر في تبعات الفكرة... مهو أنا مش هجوع وأجوّع ابني اللي جاي عشان أجيب تربة... اللي يسمعك كده يقول هتجيب لي شالية!!!

- ماااااااااااااااشي....خليكِ فاكراها يا (عبير).

- يييييييييي... وبعدين تعالى هنا مالها مدافن أهلك؟؟ متنمرد عليها ليه؟

- لأنها في مكان زحمة، وبعدين مهياش مدافن شرعية.

- ألطم على وشي يا ناس!!! حلينا كل مشاكلنا خلاص مش ناقص غير التربة!! بقى أنا من كام يوم ريقي نشف عشان ما تجبش العربية واسمها حاجة في بيتي... تقوم تطلع لي بفكرة التربة دي!!!

- خلاص يا (عبير)، قفلي على الموضوع ده.

- مش هقفل غير لما تلغي الفكرة دي من دماغك... أنت مش شايف ظروفنا والجمعيات اللي محوطانا والأقساط اللي خنقانا!!

- يييييييي...اقعدي كركبيها بقى واعملي فيها حكيمة زمانك.

- اعمل اللي أنت عاوزه.... بس ماتقليش البيت مش هيتأثر.

(وقمت وسبته والدم بيغلي في نفوخي).

- رايحة فين؟؟

- هعملي لموناته... أروق بيها دمي.

(وفضلت أدعي ربنا يلطف بينا مهو لا أنا ولا البيت يستحمل ضغط المصاريف دي.. لحد ما حصل إني تعبت وولدت بدري.. وحطينا البيبي في الحضانة لأكتر من شهر... واتفتحت علينا مصاريف جديدة.. وبكده اتلغت فكرة المدافن من دماغ محمود غصب عنه).