النفس البشرية ذلك اللغز الذي ما زعم زاعم أنه سبر أغوارها واجتاز بحارها وخاض غمارها، وأنه على دراية بأهوائها وطبائعها وحظوظها وما تكتنف من آفات وعِلَل. إذ يكتشف ـ شيئًا فشيئًا ـ أنه كلما تعمّق تاه، وكلما أوغل تعب في الوصول إلى منتهاه وبلوغ مبتغاه؛ لما في النفس البشرية من عِلَل وأغلال، ولما فيها منتناقض واعوجاج وتلوُّن واضطراب يتعذر استيعابه
إن معرفة الإنسان لنفسه تساعده على ضبط أهوائها، ووقايتها من الغواية، والابتعاد بها عن الانحراف، ومن ثم تتكون لديه الشخصية المتكامل
ويتصف صاحب الشخصية المتكاملة بقدرته على إقامة علاقات إيجابية بنّاءة في المجتمع، وقدرته على السلوك السوي الخالي من التناقضات، وقدرته على احتمال الشدائد والصعاب ومواجهتها، وثبات انفعالاته واعتدالها، وعدم إحساسه بالتوتر والقلق، وقدرته على الإنتاج، والإحساس المستمر بالرضا والسعادة
ولذلك، أجدني بعد قراءات أدعي أهميتها في هذا المضمار، قد شمّرت العزم وشددت الحزم على الإسهام الفكري في هذا الميدان، ورفد مكتباتنا العربية والإسلامية بإسهام متواضع لعله يقدِّم جديدًا أو يؤكد على سابق أو يكمل فكرة منقوصة أو جملة مبتورة أو رؤية محذوفة أو يصحح مسارًا أو يزيح ستارًا أو يضيء معتمًا أو يشير إلى ضائع فيجده.