رغم أهمية النية لكل عمل و عبادة ، إلا أنها من أدق الأمور و أخفاها ، فهي من أعمال القلوب ، التي لا يطلع عليها إلا علام الغيوب ، لأنها مما يخفيه الإنسان في نفسه ، فإن كان قصده ابتغاء وجه ربه الأعلى استحق الثواب ، و إن كان قصده رياء الناس استحق العقاب .و لكي تكون الأعمال مقبولة يشترط لها الإخلاص و النية الصالحة بعد صحة العمل في ذاته ، و للنية شروط لابد أن تتحقق حتى تكون صالحة صحيحة مقبولة كما أرادها المشرع الحكيم ، و من هنا تختلف النية عن الخطرات و حديث النفس .و من أجل هذه الأهمية الكبيرة للنية ، لتوقف عمل المسلم عليها و على صلاحها و صدقها ، لابد لكل مسلم من معرفة معناها وواجباتها و شروطها ، ليصلح منها ما يفسد ، و لكي يترقى بها إلى أعلى المنازل ، فمن يعبد ربه و يعمل الطاعات طمعاً في الجنة و خوفاً من النار – و هو هدف مشروع- يقل في مرتبته و درجته عمن كانت نيته في العبادة محبة الله و التشوق الى النظر الى وجهه الكريم سبحانه ، و الفرق بين عمل هذا و ذاك و مرتبة كل منهما يكمن في اختلاف النية .و من هنا تنبع أهمية كتاب: " الأمنية في إدراك النية " ، مفصلاً معانيها ، مبيناً مبانيها، شارحاً لدقائقها ، حتى لم يدع قولاً لزائد ، أو إضافة لمضيف ،و على الرغم من أنه كان مالكي المذهب ، إلا أنه في هذا الكتاب قد جمع أقوال المذاهب الأخرى ، بغية الإيضاح و التبيين. و يسر "دار الفاروق للاستثمارات الثقافية " أن تقدم لقرائها هذا الكتاب الرائع. راجين من اللع تعالى أن يكون نافعاً لهم و مفيداً و أن يتلقوه بالقبول.